تجربتي مع نموذج العمل بالساعة في العمل الحر، هل الأمر يستحق؟

هل يمكن أن تنهار بالكامل بعد أسبوع واحد فقط من العمل؟

في الواقع، تجربتي مع العمل بالساعة كانت محدودة، فمعظم أعمالي كانت دائمًا على أساس المشاريع بمبلغ ثابت وبنطاق واضح من المهام. أول تجربة حقيقية لي بالعمل بالساعة كانت قبل حوالي سنة ونصف على موقع Upwork، وكانت الأسوأ في مسيرتي المهنية حتى الآن، وهذه قصة أخرى بحد ذاتها.

كان الاتفاق على العمل بدوام كامل أي 40 ساعة أسبوعيًا، ووجدت نفسي أعاني لإكمالها. كنت أعمل من العاشرة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وأحيانًا لا أتمكن من إنهاء 8 ساعات كاملة. كنت أحسب الوقت الفعلي الذي أعمل فيه، وعندما أشعر أن تركيزي بدأ يقل، أتوقف فورًا. وهذا كان يحدث تقريبًا كل ساعتين.

كان ذلك أصعب أسبوع عمل مر علي في حياتي. كنت بحاجة ماسة للعمل في ذلك الوقت، فقد كنت مقدمًا على الزواج ولم يكن لدي عدد كافٍ من العملاء يسمح لي بالاختيار بحرية. كان علي الاستمرار مهما كلفني الأمر، خصوصًا أن هذا العميل كان ثاني عميل لي على الموقع.

لقد عملت على عدة منصات عربية مثل مستقل، وعالمية مثل PPH، لكن النجاح الحقيقي بالنسبة لي كان على Upwork، خصوصًا في تلك الفترة، حيث كنت مستعدًا لبذل كل شيء من أجل فرصة كبيرة، ومستدامة على المدى الطويل، أو على الأقل هذا ما كنت أعتقده.

بعد أسبوع من هذه التجربة المرهقة، قررت الانسحاب. لكن الانسحاب لم يكن سهلًا، بل كان مؤلمًا: حصلت على تقييم سلبي، أعدت له المبلغ كاملًا ولم أحتفظ بفلس واحد. كنت واثقًا أنني قدمت عملًا جيدًا ولم أرتكب أي خطأ، لكنني أخطأت حين قيمت العميل بشكل سلبي، وهو ما أثار ردة فعل عنيفة منه. المفارقة أنه عاد بعدها يطلب عملاً آخر… لكنه كان محتالًا، وتلك قصة أخرى.

لم تكن هذه التجربة في بداية مسيرتي كفريلانسر، بل كانت بعد 4 سنوات من بدايتي في عملي الحر، وقبلها لم أعمل بالساعة بشكل حقيقي تقريبًا.

بعد أسابيع من تجربة Upwork الصعبة، حصلت على عمل مع عميل خارج منصات العمل الحر، وكانت تكلفة الساعة أعلى بنسبة 50٪ مما كنت أحققه على Upwork، دون احتساب العمولة التي يأخذها الموقع. صحيح أن العمل لم يكن طويلًا، لكنه كان رائعًا، وكأنه تعويض من الله عن تجربتي السابقة. في هذه التجربة، لم أركز على عدد الساعات، بل على المهام المكلف بها. أفتح المؤقت، أبدأ التنفيذ، أنهي المهام المطلوبة، وأغلق المؤقت مباشرة. لم أعمل أكثر من ساعتين يوميًا، ومع ذلك كنت راضيًا جدًا.

تجربة أخرى كانت باتفاق شهري: 40 ساعة شهريًا مقابل مبلغ ثابت لمدة عام كامل، أي حوالي 10 ساعات أسبوعيًا. كان المشروع من الصفر، ثم الاهتمام بالتطوير والصيانة. تكلفة الساعة أقل، لكن الاتفاق كان يمنحني نفس المبلغ سواء عملت 40 ساعة أو 20 أو حتى أقل. حسبت أن المشروع سيكتمل بسرعة وأن الصيانة لن تستغرق 40 ساعة، لكن الأمور لم تمضِ كما توقعت، فاتفقت مع العميل على إيقاف العقد في الشهر الرابع تقريبًا، وصرت أعمل على الصيانة بحساب الساعة، حيث أصبحت تكلفة الساعة أعلى بحوالي خمسة أضعاف تقريبًا.

في هذه التجربة كنت أبحث تحديدًا عن دخل شهري مستدام، وهو أمر مريح جدًا في العمل الحر، لكنه يتطلب اتفاقًا واضحًا ومفصلًا مع العميل، حتى لا يشعر أي طرف بأنه مظلوم.

وبفضل الله، بدأت بعدها تجربتي الأفضل، الأكمل، والأكثر توازنًا في هذا النموذج، وهي مستمرة إلى اليوم. قد أكون تعلمت الكثير من التجارب السابقة، لكن في الحقيقة هو رزق من الله، جاء في التوقيت المناسب بعد عدة محاولات لهذا النموذج، لحكمة منه.

بدأت التجربة الأخيرة بالعمل عن بعد بدوام كامل مع حرية اختيار الوقت، ثم تحولت تدريجيًا إلى نموذج العمل بالساعة نتيجة تغير الظروف. وخلال هذه الفترة، تمكنت من رفع تكلفة الساعة مرتين، وتضاعفت بين الاتفاق الأول والأخير بفضل الله.

أسأل الله أن تستمر هذه التجربة أكثر، فأنا ما زلت مستمتعًا بها، ومع ذلك أعمل على عدة مشاريع أخرى. والحمد لله أنني تعلمت من خطأ الاعتماد على عميل واحد فقط، والذي كلفني الكثير سابقًا. وهي قصة أخرى بحد ذاتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *